المَزحة، رواية كونديرا الأولى، هي من دون شك إحدى أشهر رواياته. فيها تتناوبُ على الكلام أربع شخصيات ذات مصائر مُتشابكة، تروي كلٌ منها القصة من وجهة نظرها.
كلُّ شيء يَنطلقُ من مَزحة على بطاقةٍ يَبعثُ بها شابٌّ إلى طالبة كان يتقرّبُ منها. تنقلبُ هذه المَزحة، التي أسيءَ تأويلها، ضدَّه، وتُكلِّفه الفصلَ من الحزب والحرمانَ من مُتابعة الدراسة، ويتِمّ إرساله جنديّاً في كتيبة تأديبيّة تضمّ أعداء النظام.
يتمكّنُ كونديرا، وهو يُوزّع السرد بإحكام بين لودفيك وهيلينا وجاروسلاف وكوستكا، من المزْج باقتدار بين قصص حُبٍّ وصداقة وخيانة وانتقام، وتأمّلاتٍ في الأنظمة الشموليّة، وثِقل التاريخ، وبلاهة الإنسان...
مِن محكيٍّ إلى آخر ومن شخصيةٍ إلى أخرى، يَمنحنا كونديرا عملاً روائيّاً رائعاً وتأمّلاً باهراً حول الحياة وعبثيّة الوجود في عالَمٍ ليس إلّا مَزحة هائلة.
في هذه الرواية، تكمنُ كلّ براعة كونديرا في تَمْكيننا من التفكير في أحداثٍ تملأ حياتنا وفي جعلنا نتأمّل اختياراتنا الشخصيّة وحياتنا الخاصّة، الناجمة عن مُصادفات صغيرة، سعيدةً كانت أو حزينة، تنتهي برَسْم مصيرنا.