تنطلق أطروحة الكتاب ما صاغه المؤلف على أنه "النزاع على محمد صلى الله عليه وسلم"، فإنه لما كانت أغلب المبادئ القرآنية مبادئ عامةً، وحتى الأحكام التي شرّعها النص القرآني كانت بحاجة إلى الكثير من القيود؛ رجع النزاع المتشعّب الذي يصعب ضبطه وحصره إلى القضية القديمة الجديدة، الماضية والحاضرة والمستقبلة: وهي قضية السنّة النبوية بإعتبارها نصّاً مقدّساً من جهة، ومن جهة أخرى بإعتبارها أول مدوّنة تفسيرية القرآن الكريم.
تقوم فكرة الكتاب الأساسية على محورة النص عموماً والسنّة خصوصاً في العقل الإسلامي، سواء أكان سنّيّاً أو غير سنّي، مع حضور سؤال الواقع بإستمرار أمامه، وتأثير التاريخ في فهم النص، سواء أكان في القديم أم في الحديث، مما أنشأ العديد من الحلول والإجابات والتأويلات حول النص بصورة متلاحقة، وفي سبيل رصد تلك التطورات الواقعية وتحليلها ونقدها، يطوف المؤلف بالقارئ - طولياً - من الحديث النبوي الأصلي إلى آراء الصحابة والتابعين إلى أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، إلى البيهقي والطحاوي، إلى ابن الجوزي والعزّ بن عبد السلام، إلى ابن تيمية، ومن بعدهم كابن حجر والسيوطي، حتى نجد أنفسنا على ضفاف العصر الحديث مع الدهلوي، والوهابية، ثم محمد عبده، والكوثري وشاكر وأبي زهرة والمراغي وابن عاشور وعبد الحليم محمود والألباني وعلي الطنطاوي وابن عثيمين والقرضاوي وعلى جمعة، وحتى نصر حامد أبو زيد وأركون وشحرور، بتنقلات تاريخية أحياناً وموضوعية مقارنة أحياناً، في مُسوحات واسعة للتراث الفكري الإسلامي، ومن منظور آخر، اعتمد المؤلّف الرصد الأفقي فبحث في الشرائح المتعدّدة للتقليد الإسلامي فوجدنا أنفسنا مع الأصوليين كالجويني والغزالي، والمحدثين كالدارقطني والبيهقي، والمتكلّمين كالمعتزلة والأشعري، والفلاسفة كابن سينا وابن رشد، ومع المذهبين التقليديين، ومع الخارجين عن التقليد، وحتى الشيعة، مع الإصلاحيين كابن تيمية والدهلوي وحتى محمد الغزالي والقرضاوي، ومع الصوفية كان عربي والشعراني والنبهاني، وقفنا مع القرآنيين في باكستان، ومدرسة الحداثيين كفضل الرحمن، والمرتابين المحدّثين في مصر (صدقي وأبي رية)، وما بعد الحداثيين كنصر حامد أبي زيد، ومع الخطاب الرسمي التقليدي الأزهري والزيتوني، ومع الدعاة الجدد، ومع الحداثة وخطاب الإرهاب والمرأة والآسرة في الغرب وأمريكا، وإنعكاساته على السينما والفنون، كل هؤلاء يقولون كلمتهم ويقدّمون قراءتهم، عن الإسلام وعن التاريخ وعن الواقع وعن أفق المستقبل.