في كتابها "تعطيل العقل في الفكر الإسلامي... يخدم الإسلام أم يضر به؟"... تحاول الكاتبة الجزائرية رزيقة عدنان قراءة الواقع وتشخيص العلة، إذ ان العمل الديني كما يتمثل في خلع الهوية الإسلامية على البلدان والأوطان والأفراد، يمكن له أيضاً أن يعمل على أساس مدني وحضاري كما في عصور إزدهار الحضارة الإسلامية، ولهذه الغاية، تطرح الكاتبة مشكلة تغييب العقل وتعطيل عمله في الفكر الإسلامي وآثار ذلك التغييب والتعطيل على الفكر وعلى الدين نفسه، لذلك فهي تحمّل المسؤولية للمفكرين "لما تكون الأمة في أزمة، لما تداهمها المشاكل من كل جهة، ويضيق عنها الوقت، تكون مسؤولية المفكر إزاء فكرته أكبر ومسؤوليته هي العمل على توصيلها إلى الناس، ولا يمكنه ذلك إلا إذا خاطب الناس بأسلوب يفهمه أكبر عدد ممكن من الناس".
في الفصل الأول توضح الكاتبة أن الفكر الإسلامي مهما تفرعت مسائله ومشاكله يتلخص في مشكلة واحدة (فلسفية – ابستيمولوجية) أساسية هي مشكلة (معرفة) بين مصدرين هما الوحي والفكر البشري، فمنذ شعور المسلمين الأول بالحاجة إلى إستعمال فكرهم كمصدر لمعرفة القوانين التشريعية التي يواجهون بها مشاكلهم غير التي جاءت بها النصوص وهم يتساءلون: هل يحق لهم إستعمال فكرهم البشري كمصدر للمعرفة أم لا؟.
في الفصل الثاني تبدأ الكاتبة من مشكلة الفكر إلى مشكلة العقل، تعود إلى الوراء وإلى ابن حنبل الذي نحمله محنة العقل في الفكر الإسلامين والذي لم يكن يوماً ضد العقل، ولكنه كان يقول "أنه ضد العقل الذي يخالف الشرع" وتتساءل الكاتبة: هل هناك فرق بين موقف ابن من العقل، وموقف المعاصرين الذين يُعتبرون من ممثلي تيار التجديد والعقلانية الإسلامية الحديثة؟...
في الفصل الثالث، تتحدث الكاتبة عن إنعكاسات تعطيل العقل على التفكير وعلى مسألة بناء الأفكار وسلامتها، وتورد طريقة شاكر النابلسي لموضوع العلمانية في كتابه (الفكر العربي في القرن العشرين) لتخلص إلى أن العلمانية ليست مفهوماً مناقضاً للدين أو رافضاً له، مثلما يعتبرها رجال المؤسسة الدينية، ثم تشوق أدلة على العلمانية العربية الإسلامية، من خلال سياسة عثمان بن عفان وسلوك عبد الملك بن مروان...
وفي الفصل الرابع والأخير "النسبية مبدأ إسلامي" توضح الكاتبة أن النسبية هي الوجه الآخر لمبدأ الوحدانية، وأن الدين يجب أن يُبنى على النقاش، وأن الإيمان (تصديق) من دون الحاجة إلى البرهنة والدليل، وهو ما تعنيه العبارة "الإيمان بالعقيدة مسألة قلب وليست مسألة عقل".