إن القطيعة، أياً كان نوعها وأياً كانت ظروفها، لا تمرُّ مرور الكرام، وكأنها حدثٌ من أحداث الحياة الشائعة، إنها تترك آثارها وحتى بصماتها عميقاً في نفس كلٌّ من الفاعل والضحية على حدٍّ سواء.
المؤلَّفة كلير ماران هي فيلسوفة وأستاذة فلسفة في الآن عينه، وتُظهر في عملها هذا قدرة فريدة على الغوص في النفس البشرية وأحوالها ومعاناتها، بحيث تكشف للقارئ عن جوانب خفية ممّا يعيشه، أو ممّا شهده عند المحيطين به، دون أن يستوعبه معرفياً وعقلياً، وإنما هو يعاني آثاره على شكل أزمة كيانية فعلية تعتمل في نفسه بالخفاء، ولا يطفو منها على السطح سوى مشاعر المعاناة.
من هنا أهمية هذا العمل محدود الحجم عظيم الكشف بالنسبة إلى القارئ العربي، ما يشكِّلُ إسهاماً غير مسبوق في إغناء المكتبة العربية، إذ يُسلِّط أضواءً تذهب في العمق على موضوعٍ يشكِّلُ جزءاً لا يتجزأ من الحياة ذاتها عند مختلف شرائح البشر على اختلاف السنّ والجنس.
ويفتح آفاقاً أمام القارئ العربي في التمكين المعرفي بأحوال العلاقات الوجدانية والحميمة، بما يجعله أكثر وثوقاً في خطواته.
فالمعرفة بأحوال النفس وعلاقاتها تشكِّل أحد أبرز مقوِّمات القوة".