هذا الكتاب شهادة حيّة لخبير في شؤون الشرق الأوسط هو جون نكسون الّذي كان قد أمضى ثلاثة عشر عاماً لدى وكالة المخابرات المركزية كمحللٍ سياسي لشأني العراق وإيران، ومحللاً في مقر الوكالة ببغداد. وكان عمله يتمثل في مساعدة ضباط الوكالة ووحدات الجيش الخاصة في استهداف الأفراد بغية القبض عليهم والتمكن من استجوابهم. وكان استجواب صدام بمثابة التحدي لهُ. ولكنّه استطاع أن يكون أوّل أميركي أجرى استجواباً مطولاً مع الرئيس الأسير بعد أن قبضت عليه القوات الأميركية. صدرت الطبعة الأولى للنسخة العربية منه عام 2017 عن دار العربية للعلوم ناشرون، ويقول عميل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية السابق جون نكسون في كتابه «استجواب الرئيس»:
«لقد شعرت لدى المباشرة في جلسات الإستجواب، أنّني أعرف صدّام، ولكن الأسابيع التالية جعلتني أدرك أن الولايات المتحدة كانت قد أساءت فهمه وفهم دوره كعدو حازم للتيارات الراديكالية في العالم الإسلامي».
وعن تجربة استجوابه للرئيس كثيراً ما كان الناس يسألونهُ: كيف وجدت صدام؟ أو: هل كان مجنوناً؟، يجيب نكسون:
خلال الفترة الّتي تحدثت فيها مع صدام حسين وجدته بكامل قواه العقلية. كان العالم مليئاً بأعداد من السفاحين المختلين ولكن الغريب هو أنّنا اخترنا ملاحقة هذا الرجل، خصوصا في ضوء التداعيات. أما أنا فاعتقد -والكلام لنكسون- أنّ الحكومة الأميركية لم تأخذ في اعتبارها أبداً ما سيؤول إليه الشرق الأوسط بغياب صدام.
الإطاحة بصدام خلّفت فراغاً في السلطة حوّلت الخلافات الدينية في العراق إلى حمام دم طائفي.
ظل الشيعة لفترة من الزمن يغضون النظر عن فظائع الزرقاوي السني، آملين بنيل السلطة من خلال صناديق الاقتراع. ولكن، مع تزايد أعداد القتلى، تدخلت الميليشيات الشيعية في القتال.
وممّا يذكّره جون نكسون في كتابه هذا عن لسان الرئيس صدام حسين أثناء الاستجواب، أعتقد صدام أنّ هجمات الحادي عشر من أيلول كانت يجب أن تقرّب الولايات المتحدة منه ومن نظامه لا العكس، وأنّ التحالف بين البلدين أمر طبيعي وبديهي في الحرب على التطرف، وغير ذلك من الملابسات الّتي استخدمت لتبرير غزو أميركا العراق وإسقاط نظام صدام، وعن أهداف صانعوا السياسية في البيت الأبيض والقيادات من القابعين في مبنى وكالة الاستخبارات المركزية ومخططاتهم تجاه المنطقة، وعن كواليس عملية إعدام صدام بمنصة مؤقتة في سرداب مظلم ببغداد ويختم المؤلّف كتابه قائلاً:
«أتينا إلى العراق قائلين إننا سنحول الأوضاع نحو الأحسن، وسنجلب معنا الديمقراطية وسلطة القانون. وها نحن نسمح بشنق صدام في ظلام الليل».