إنّ الدولة الوطنية بإعتبارها فكرة حديثة لا يمكن أن تقوم وتستقرّ إلاّ بمراجعة عميقة للتأويل الديني والوظائف الدينية في المجتمع، وأطروحة الدولة الدينية، سواء في شكلها "الإخواني" المعتدل أو "الداعشي" المتطرّف، نسف لمبدأ الدولة الوطنية وليست بديلاً عنها.
والأصولية الدينية (أو الإسلام السياسي) ليست إمتداداً للخطاب النهضوي وللحركة الدستورية بل مثّلت إنقلاباً مفهومياً عليهما، ونسفاً لما تحقّق من تطوّر فكري وحضاري، ونسفاً للمواطنة والمدنيّة.
ولن يتحقّق الوفاق في المجتمعات العربية والإسلامية إلاّ بإثبات الطبيعة المدنية للدولة ونقض دعاوى مخالفتها للدين، والردّ على أطروحة الدولتَيْن كما يدافع عنها منظّرون غربيّون في العلوم السياسية.