كتب تشارلز تايلور تحت عنوان: "هل تستطيع العلمانية السفر"؟... إننا نعيش في عالم تنتشر فيه الأفكار والمؤسسات والأساليب الفنية وأنماط الإنتاج والحياة ضمن مجتمعات وحضارات مختلفة جداً في جذورها التاريخية وأشكالها التقليدية.
انتشرت الديموقراطية البرلمانية من إنكلترا، مروراً بعدة بلدان، إلى الهند، بينما انتشرت ممارسة العصيان المدني من أصولها التي مارسها غاندي إلى أماكن أخرى عديدة، من بينها حركات مارتن لوثر كينغ للحقوق المدنية، إلى مانيلا عام 1983، وأخيراً إلى الثورتين المخملية والبرتقالية في عصرنا الحالي، لكن هذه الأفكار والأشكال لا تغيّر أماكنها فقط ككل صلبة؛ بل تتعدل ويعاد تأويلها لتأخذ نسيجاً ومعنىً جديدين في كل تحول.
هذا يمكن أن يؤدي إلى إرتباك هائل عندما نحاول تتبع هذه التحولات وفهمها، إحدى الطرق لهذا الإرتباك تنبع من أخذنا الكلمة على محمل الجد؛ إذ قد يكون الإسم واحداً، لكن الواقع سيكون مختلفاً في الغالب، هذا واضح من كلمة العلماني؛ فنحن نفكر بأن "العلمنة" هي عملية يمكن أن تحصل في أي مكان (وبالنسبة إلى بعض الناس فهي تحصل في كل مكان).
ونفكر بالأنظمة العلمانية كخيارات لأي بلد، سواء أكانت تتبناه أم لا، ومن الأكيد أن هذه الكلمات تظهر (تقريباً) في كل مكان، لكن هل تعني كلها المعنى نفسه؟.
بالأحرى، ألا يوجد إختلافات دقيقة يمكن أن تخلّ بنقاشاتنا الثقافية المشتركة حول هذه القضايا؟...