ساهم متصوفة مدرسة بغداد في إرساء قواعد التصوف الإسلامي الذي بلغ ذروته مع رجال مثل الجنير، والشبلي، والحلاج. ومؤلف هذا الكتاب عرض التصوف كتدين حي لا كنظرية وارد بذلك تقديم صورة واضحة عن عقله وروحه وترك المتصوفة يتحدثون عن أنفسهم ورغباتهم قدر الإمكان. والكتاب يثير عدة تساؤلات حول أصل التصوف ومصادره إذ يعتقد الكاتب أن هناك علاقة متبادلة معقدة بين التصوف الإسلامي والمسيحية. ويبدو ذلك واضحاً من خلال مكان الصدارة الذي احتله السيد المسيح في أقوال وتصورات الزاهدين.
ويرى في الفصل الثاني أن هناك عوامل سيكولوجيا لها تأثير فعال على الباعث الذي يحفز البعض لاتباع الحياة الزهدية وهذا الباعث يسميه (باعث المراقبة). أما في الفصل الثالث فيرى أن ثمة رومانسية دينية لا زمت التصوف الكلاسيكي وأن التصوف قد اقترب من تصورات الغنوجبة الإشراقية إلا أنه لم يجيز الحدود (الفصل الرابع) في حين تناول في الفصل الخامس إمكانية تسمية الإسلام بدين الخوف إذ يعتقد أن الإسلام انبثق عن موعظة إحيائية استخدمت على وجه الخصوص يوم الحساب والخوف من الجحيم حجة نفسها ويبحث في الفصل السادس: فكرة القدر المحتوم والتوكل على الله والحب الإلهي. والمؤلف يعتقد إذ التطور الذي أصاب التصوف قد تم تحت تأثيرات مسيحية مستقرة عاشت بصورة مستمرة كجزء من التقليد الإسلامي حياة خاصة بها.
لا يستعرض هذا الكتاب التصوف وأهدافه فحسب، بل يترك أقطابه يعبرون عما يجيش في خواطرهم، كاشفين بذلك عن ملامح صورهم وخفايا سرائرهم.