يتناول الباحث بالدراسة مصائر المشروع الثقافي العربي من خلال نظرة فاحصة متأنية منطلقاً من معطيات تقول بأن ما يشهده العالم من تغيرات في منظومات الاتصال وأنماط الإنتاج أو في أساليب الخلق ونماذج العيش، يضع موضع السؤال النماذج الحضارية والأنساق الثقافية أو الصيغ الوجودية والروايات العقلانية، بقدر ما يصدع شبكة العلاقات التي ينسجها الإنسان المعاصر مع مفردات وجوه: مع الذات والهوية يتناول الباحث بالدراسة مصائر المشروع الثقافي العربي من خلال نظرة فاحصة متأنية منطلقاً من معطيات تقول بأن ما يشهده العالم من تغيرات في منظومات الاتصال وأنماط الإنتاج أو في أساليب الخلق ونماذج العيش، يضع موضع السؤال النماذج الحضارية والأنساق الثقافية أو الصيغ الوجودية والروايات العقلانية، بقدر ما يصدع شبكة العلاقات التي ينسجها الإنسان المعاصر مع مفردات وجوه: مع الذات والهوية، مع اللغة والمعرفة، مع السلطة والمؤسسة، مع العمل والقيمة، باختصار مع أنظمة المعنى وعلاقات القوة. إنه مأزق وجودي تقود إليه المشاريع البشرية التي تجعل علاقتنا بهوياتنا وأفكارنا إلى سجون ومعسكرات، بقدر ما تحول علاقتنا بالأحداث والوقائع إلى أفخاخ ومطبات. هذا المأزق الوجودي يطال بالدرجة الأولى علاقة المرء بفكره، ما دامت علاقة الإنسان بوجوده هي في أساسها علاقة فكرية.
ومعنى كونها كذلك أن مصدر الأزمة ليس في الواقع، بل في نظام العقول وشبكات الفهم، أو في سياسة الفكر واستراتيجيات المعرفة. لذا فالمدخل إلى فهم الأزمة ومعالجتها هو مدخل فكري، مبتداه سؤال الفكر لنفسه وارتداد المفكر على أفكاره، لماذا نفاجأ بما لا نفكر فيه ولا نعنيه أو بما لا نريده ولا نسعى إليه، كيف نفس انهيار المعاني والقيم بعد طول المناضلة والمدافعة؟
هذه الاسئلة وغيرها تحمل المرء على تفكيك عوائق التفكير، ومآزق العقل، إذ هي الوجه الآخر لمأزق الصيغ الوجودية والمشاريع الحضارية أو لأزمات الهويات الثقافية والمجتمعية. هاهنا مكمن العلة لا في مكان آخر، أي في أختام الفكر وشعائره أو في أصنامه ومتحجراته أو في مقدساته ومصادراته. وتحليل العوائق الفكرية هو تعرية لآليات العجز، بقدر ما هو اجتراح للإمكان الذي يتيح التفكير وبصورة مغايرة نعيد معها ترتيب العلاقات بين المعنى والقوة أو بين المعرفة والسلطة أو بين القيمة والثروة. وهذا ما سماه الباحث بـ"سياسة الفكر"، والتي هي مدار كلامه في النصوص المجموعة في هذا الكتاب.