إن هذا الكتاب لا يعدّ مؤلفاً بالمعنى التقليدي للكلمة، لأنه يعالج موضوعة من المواضيع المألوفة، ولا هو يتآلف من فصول مترابطة ينبني بعضها على بعض أو يفضي واحدها إلى الآخر، وإنما هي مقالات مختلفة كاختلاف الإسلامي محمد عمارة عن الماركسي صادق جلال العظم، أو متباعدة كتباعد النص القرآني عن فلسفة جيل دولوز، أو متفاوتة كتفاوت عمل بضخامة النص الكنطي ومقاله لباحث لبناني أو عربي لا تكاد تعد عملاً أكاديمياً. فما مسوغ علي حرب إذن من جمعها بين دفتي هذا الكتاب؟!!
إن هذه المقالات تتعلق جميعها بنقد النصوص: منهج تناولها وكيفية قراءتها أو طريقة التعامل معها، فإن علي حرب لم يعد يرى النص أنه مجرد أداة للمعرفة، بل أن النص، من وجهة نظره، أصبح هو نفسه ميداناً معرفياً مستقلاً، إي مجالاً لإنتاج معرفة تجعلنا نعيد النظر فيما كنا نعرفه عن النص والمعرفة في آن.
فالموضوع، أي الرابطة، إذن في هذا الكتاب، كما يقول المؤلف، هو هذا المجال الجديد المسمى نظرية النص أو علم النص، وهو يؤثر تسميته "نقد النص". ونقد النص إن هو إلا "نقد النقد" الذي مارسه علي حرب في كتابه هذا. لأن مقالاته فيه هي عبارة عن نقد لنصوص وأعمال تشكل هي نفسها أعمالاً نقدية يرتكز الاهتمام فيها على نقد العقل، العربي أو الغربي، أو العقل عموماً.