يسعى الكتاب إلى تبيان دور الخيال الإنساني وطبيعته وتطوره وتغيره. وسلك الباحث إلى ذلك طريق "المقارنة" بين مفهوم الخيال في الثقافة العبرية والهلينية والعربية. وقد برز من خلال هذه المقاربة "المقارنة" أن هناك ثوابت مشتركة بين هذه الثقافات في نظرتها إلى طبيعة الخيال ومرتبته ووظيفته بقطع النظر عن مدى تأثير إحداها في الأخرى ومكان التأثير ومكانه.
وقد اختار الباحث تحقيقاً ثلاثياً للخيال: ما قبل الحداثة، والحداثة، وما بعد الحداثة، وذلك لرصد تطور مفهوم الخيال في الثقافة العربية. وذلك على ضوء نماذج بلاغية ونثرية وشعرية التي حللها لإبراز طبيعة الخيال ودرجته ووظيفته وأوالياته النفسانية في كل حقبة حتى يمكن التقليل من غلواء اللاتاريخية التي تحطم مفهوم الزمان/المكان.
وقد أبرز ومن خلال المقاربات، الفطريات الرياضية والمنطقية والمقايسية، وما أدت إليه من نتائج فلسفية وثقافية وعلمية وسياسية وأخلاقية، وأبان هموم المثقف العربي والإسلامي الخاصه به.
وعلى ضوء تفاعل الثقافات وتداخلها اقترح الباحث مفاهيم لضبط الأواليات؛ هي "القولية" والتمثل والتكيف والتحصن والترف و"المحيطية". وقد تجشم هذا العناء لئلا يبقى الباحثون يكتفون بالأقدر بالتأثير دون مفاهيم واصفة. ويمكن القول بأن هذه المقاربة هي من باحث في تحليل الخطاب والسيمائيات، لذلك غامر بنحت مفاهيم معرفية لوصف المثاقفة على شاكلة مفاهيم التناص التي وظفها في تحليل الخطاب الأدبي الصرف، ثم ضاهى بينها.