هل بنية ثقافة القرن التاسع عشر، وما قاد إليها مما عرضته في هذا الكتاب، بنية قابلة للتصديق بأي معنى من المعاني؟ هل هي صادقة؟ لكن ذلك سؤال خطأ. بوصف البنية الثقافية هذه نتاجاً ثقافياً للقرن العشرين، أي، بناء على هذا الكتاب، نتاج المرحلة الأخيرة من القرن التاسع عشر، لم أدّعِ أنني أقدمّ الحقيقة. أقدّم، بدلاً منها، كما وعدت في البداية، بنية أداتية. ولم يكن الغرض منها تفسير الماضي؛ كان الغرض منها ربط بعض الوثائق المهمة والمصنوعات الفنية اليدوية التي ظهرت في مرحلة حاسمة من تاريخ الإنسان، وربطها بدورها بوثائق أخرى مما لم أذكره. كان الغرض منها أن تجعل تلك الوثائق والمصنوعات اليدوية الفنية، التي هي كل ما يوجد حقيقة، أن يجعلها مفهومة أكثر. إن الأداة التي قدمتها في هذا الكتاب لم يكن الغرض منها أن تصدّق؛ صنعت لكي تستعمل، ولكن تختبر. ومن أجل هذا الاختبار يقدم القرن التاسع عشر ثروات لا حصر لها ولا تنتهي.