إن التحولات السياسية في الجزائر لم تهدأ منذ إنطلاقها في نهاية الثمانينات بالرغم من أنها لا تحظى برضا الكثير من المحللين والباحثين الذين يرون أنها تراجعت بعد الإنتكاسة التي مرت بها في فترة التسعينات وأصبحت أكثر سطحية وأعادت إلى الواجهة السياسات التي كانت منتهجة في عهد الحزب الواحد.
وتجدر الإشارة إلى أن برامج التنمية الخماسية التي عرفتها الجزائر في بداية الألفية الجديدة والمحطات المختلفة للتطورات السياسية في هذه المرحلة، حاولت بعث الأمل من جديد في نفوس المواطنين والطبقة السياسية على حد سواء خاصة في ظل الراحة المالية التي ميزت المرحلة وبداية تكون إحتياطيات مالية كبيرة ناتجة عن الإرتفاع الكبير في عائدات عمليات تصدير النفط، وقد تم التركيز في هذه المرحلة على تدارك التأخر في عملية التنمية وتدعيم القدرة الشرائية المواطنين التي تأثرت سابقاً بضعف العائدات المالية وإنخفاض أسعار البترول وكذا الأزمة السياسية والأمنية.
إن التوافق بين ما هو تنموي وسياسي لا يمكن إغفاله، ذلك أن تحقيق التنمية ونجاحها في مختلف المجالات لا يتحقق إلا في ظل الإستقرار السياسي، خاصة وأن التنمية بمختلف مجالاتها وقطاعاتها لا سيما التنمية المستدامة لا تتحقق إلا في وجود قواعد الحكم الراشد وفي ظل الشفافية والمساءلة والرقابة الشعبية والقضائية النزيهة والمستقلة، لذا فإن التحولات السياسية في الجزائر ما زالت لم تكتمل بعد بسبب الكثير من العوائق الذاتية والموضوعية غير أن التنمية عرفت قفزة إيجابية ملموسة.
هذا الكتاب هو عصارة أبحاث ودراسات قام بها مجموعة من الباحثين والأساتذة الجزائريين من مختلف الجامعات والمعاهد الوطنية تحت إشراف مخبر إصلاح السياسات العربية في تحديات العولمة بجامعة الشلف وهذا للإجابة على إشكالية وضعها المخبر ضمن محاور إهتماماته ومجالات دراسته، فكانت هذه المساهمات الجادة والهادفة والتي تجيب على الإشكالية المتعلقة بما مدى فعالية التحولات السياسية وقدرتها على إحداث تنمية فعالة وقادرة على تغيير الواقع السياسي والإقتصادي والإجتماعي في الجزائر؟.