"عولمة ... لا حرب حضارات: التعايش والعنف في القرن 21" هو عنوان الطبعة العربية لكتاب “LA GUERRE DES CIVILISATIONS N’AURA PAS LIEU: COEXISTENCE ET VIOLENCE AU XXIE SIECLE” لمؤلفه رفائيل ليوجييه، ترجم الكتاب من الفرنسية إلى العربية غازي برّو، وصدر في بيروت عن الدار العربية للعلوم ناشرون، 2021". بين يدي القارئ كتاب في غاية الأهمية، تتجسد قيمته العميقة في إعادة قراءة مفهوم العولمة في ضوء أيديولوجيات كبرى عابرة للحدود، وحروب تتورط فيها شبكات عابرة للأوطان، كما تأتي أهميته من كونه يتناول أهم المواضيع التي تمس وجودنا اليوم. والتي يعبر عنها رفائيل ليوجييه بالسؤال: كيف يمكن للهُويات الفرديّة والجمعيّة أن تعرّف ذاتها وتتعايش في عالم بلا حدود؟ عندما لا يكون أيّ آخر كليّاً آخر. عندما تكون الغيرية بالضرورة نسبيّة. الهدف الأساسي لهذا البحث هو الإجابة، قدر الإمكان، عن هذا السؤال الفلسفيّ، والأنثروبولوجي والسياسي في آن.
لقد أصبح مفهوم "صراع الحضارات" محطة كلام مشتركة عندما يتعلق الأمر بالجغرافية والدين أو الهوية الوطنية. ويبين لنا رفائيل ليوجييه في كتابه الرائد "عولمة لا حرب حضارات: التعايش والعنف في القرن 21"، أن هذا المفهوم ليس سوى فخ في وجه واقع الحضارة العالمية التي ولدت من تكثيف المبادلات الكوكبية. وأصبحت الاستخدامات التقنية والممارسات الغذائية والمناهج الجامعية موحدة. الصور والموسيقى والعواطف تجول الآن في جميع أنحاء العالم.
يوضح المؤلف أنه على الرغم من وجود مواقف عدائية ومتطرفة يمكن أن تستند إلى أيديولوجيات دينية وسياسية، فإن المعتقدات الأساسية للناس هي عوامل تعارض في القيم متراجعة الأهمية أكثر فأكثر. فجميع الأديان، بدرجات متفاوتة، تعبرها ثلاثة اتجاهات نتجت من العولمة: الروحانية والكاريزمية والأصولية. وهذا لا يمنع التفاوتات الاجتماعية – الاقتصادية السحيقة والقلق من النزعة الهوياتية المعدية من توليد أشكال جديدة من العنف التي تميّز، في جملة أمور، الإرهاب الجديد. يوجه رفائيل ليوجييه نداء عاجلاً للتفكير في الحدود التي يسهل اختراقها واختفاء صورة الآخر الراديكالية، أي الغريب الذي كان يقف في الأمس البعيد خارج المساحة التي نعيش فيها. كيف يمكن تعريف الهويات الفردية والجماعية وتعايشها في عالم خال من الحدود الحقيقية؟ بحث دقيق لمكافحة الأفكار المسبقة وفهم العالم المحيط بنا فهماً أفضل.