من منّا لم يقرأ في المدرسة، في الصفوف الإبتدائية أو في العطل الصيفية، مؤلّفات جبران: الأجنحة المتكسّرة أو الأرواح المتمرّدة؟ وكثيرون كانوا يهزأون من غموض جبران في بعض عباراته كــ"عويل الهاوية"، وإثارته العوامل الطبيعية والعواصف التي تبعث الرعب في النفوس... لكن مؤلفات جبران لا تقتصر على هتين الروايتين، وهو ليس كاتب لقرّاء أطفال، بل كاتب مجدّد فذّ، حمّل كلماته حكمة من غابر الأزمان، من عهد عاد؛ وفي كتاباته نفحة شعريّة ووقع موسيقي وصور جذّابة وأفكار تدعو القارئ إلى إكتشاف عالم جديد في طيّات القديم المعهود. لذا لا بد من قراءة جبران والعودة إليه.
وها قد جمعنا مؤلفات هذا العبقريّ في اللغتين التي عبّر عن أفكاره بهما: لغة العربية التي كان بها مجدّداً، ولغة البلاد التي استضافته، الإنكليزية، التي حلّق بها بفطرته اللبنانيّة، من غير أن يدرسها، بل بإبقائه على نمط كتابة قديمة غدى غير مألوف، فقضت عبقريّته بالتجديد في العربية، و"العتيق" في الإنكليزية... حتى تميّز بالإثنتين.
وكانت الفكرة في جمع كتابات جبران كلّها بمجلد واحد، العربية منها والإنكليزية، ترمي إلى منح القارئ العربي الذي يقرأ اللغتين، الفرصة أن يعود إلى جبران بالأصل، بدون وساطة المعرّب، وبسهولة، بمتناول يجده، وكثيرون من القرّاء المحلّيين يتذوّقون اللغتين.