هنا يمكننا أن نبدأ بالقول إنّ مورافيا كان أستاذاً في "أدب الرحلات" الذي خصّص له قسماً كبيراً من أنشطته ككاتب، أي "حوالي صفحة تحقيق مقابل ثلاث صفحات من الرواية".
تعود المقالة الأولى الخاصّة برحلات مورافيا إلى 4 تشرين الثاني 1930 وكانت رواية "اللامبالون" قد صدرت قبل ذلك بسنة وسط نجاح كبير وقد نشرت وقتها في جريدة "لا ستامبا" في تورينو تحت عنوان: "الوصول إلى لندن".
وكانت تلك بداية سلسلة من الرحلات والمقالات التي لم تنقطع إلا بموت الكاتب عام 1990، والتي كانت متعلّقة بجميع القارّات (عدا أستراليا والقطب الشمالي) مع زيارات متكرّرة لكلّ من آسيا وأميركا وأفريقيا.
كان مورافيا إذن رحّالة كبيراً إلى جانب كونه كاتب رحلات كبير، خاصّة أنّ كلّ زيارة قام بها إلى بلد أجنبيّ تمخّضت (بل كانت بسبب ذلك، هذا على ما جاء في "سيرة ذاتيّة أدبيّة مختصرة" حيث قال الكاتب إنّه كان يسافر كمبعوث خاصّ للصحف "في محاولة لشغل نفسه بطريقة ما وتمضية وقته" عن نشر تحقيقات في جريدة "غاتزيتّا ديل بوبولو" – في الثلاثينيّات -، وفي جريدة "لا نوّفا سامبا" – في الأربعينيّات -، وفي مجلّة "أيوروبّيو" – في الأربعينيّات والخمسينيّات -، وفي جريدة "كورييره ديلّ سيرا" خلال كلّ العقود اللاحقة.
وقد أكّد مورافيا نفسه، سمةَ أدب رحلاته، في أولى مقالاته التي صدرت تحت عنوان: "رسائل من الصحراء"، ونشرت بعد ذلك، في عام 1981، في كتاب بالإسم نفسه، وكأنّ القصد كان مجرّد كتابة المذكّرات: "هنا أبدأ صحيفة رحلتي..." لكنّه تحوّل فيما بعد إلى ما بدا في عنوان المراسلات نفسه: "رسائل من الصحراء".