هكذا تم اللقاء القدري وبدأت قصتي أنا مع هذه الحكاية .. حملت إليّ المرأة هذه الأوراق قائلة إنها تلقتها بالبريد من جارها، بعد انتقاله من شقته. لم يكتب الفتى عنواناً ولم يقل أي شيء في رسالته التوضيحية غير التحية وهذه الكلمات. اسمحي لي يا جارتي الطيبة أن أبعث بأوراقي هذه إليك. لقد أتممت كتابتها وانتهيت منها، وأكملت يد أُخرى مراجعتها وتشذيبها قبل انتقالي من الشقة وأنا لا أريد أن أعود اليها بعد تنقيحها هي فأغيّر وأبّدل ما كتب قد كتب كما تقول الأمثال أو الكتب القديمة ! لم أعد أتذكر أين قرأت هذه العبارة! وصدقيني يا سيدتي إن بقاء هذه الأوراق قريبة مني يسبب لي، إضافة إلى رغبتي بتجميل أسلوبها مزيداً من الأسى والحزن الشخصيين، ما لا أحتمله فقد أنهض من النوم أو عن المكتب فجأة وأمزق هذه الأوراق.. لا لشيء إلا لأنها السبب في إثارة أساي وحزني.. وأنا لا أود أن أمزق أوراقي هذه وأرميها، إنها جزء من حياتي كما يُقال في الكتب. وأنا لست كاتباً أديباً ، فما أنا غير مترجم! وصدقيني أيضاً إن هذه الأوراق لا تنطوي على شيء، مهما صغر، قد يسبب إحراجاً لك أو يمكن أن تخجلي منه، هي أوراق شخصية لا تعني أحداً سواي احتفظي بها يا سيدتي عندك، ودعيها نائمة في سلام، فإذا ضقت بها ذرعاً في يوم من الأيام أودعيها يداً أمينة.. وستأخذ طريقها المقدّر ساعة يُراد لها أن تأخذه ! وتذكري جاراً لن ينسى دفء يدك الصديقة! .