يشكل هذا الكتاب قراءة في كتاب "الفاشوش في حكم قراقوش، وهو كتاب صغير الحجم كبير الأثر، تحدث فيه مؤلفه عن رجل من رجالات التاريخ هو الأمير بهاء الدين قراقوش، عرفه المؤرخون بصورة، ورسمه أديب قبطي هو (إبن مماتي) بصورة أخرى مخالفة لها كل المخالفة، ومع ذلك بقيت الصورة الأخيرة في أذهان الناس، لأنها صورة بُنيت على الفكاهة والسخرية ... والناس في كل زمان ومكان يميلون إلى المرح والمُزاح، وتهفو نفوسهم إلى الضحك والتهكم.
إن ما يميز هذا الكتاب أن مؤلفه "عبد اللطيف حمزة" جمع بين روايتين حول هذا الكتاب، رواية إبن مماتي، وما رواه السيوطي، محللاً ومناقشاً خطاب الكتاب والغرض منه، وهو " اتخاذ قراقوش رمزاً، ليس للسلطة لحسب، ولكن، وبشكل رئيسي، طريقة ممارستها التقليدية في العالم العربي / الإسلامي. فعلاوة على السخرية من السلطة، والتهكم عليها، الغرض من النقد الضمني للفاشوش – والمكان الذي تكمن فيه خصوصيته، إن صح التعبير، هو التعسف الناتج عن عدم إمكانية المقاومة أمام الحاكم الجائر ...".
وفي الكتاب يتحدث المؤلف عن شخصية الأمير بهاء الدين قراقوش كما عرفها التاريخ وهو من عظماء دولة السلطان صلاح الدين. كما يتحدث المؤلف عن صاحب كتاب الفاشوش، وعن مكانته في الدولة الأيوبية، والطريقة التي سلكها إبن مماتي في السخرية من الشخصية التي هي موضوع لكتابه، ونعني بها شخصية بهاء الدين قراقوش. ثم يقوده الحديث بعد ذلك إلى الكلام عن السخرية في الأدب العربي، والأدب المصري، والأدب الأوروبي. هكذا سيطوف بنا "عبد اللطيف حمزة" / مؤلف الكتاب في مجالات الفكاهة العربية، والدعابة المصرية والسخرية الأوروبية، لنقف معه عند كتّاب وشعراء اشتهروا بالنكتة البارعة، والسخرية اللاذعة، وقد كان لكل كاتب منهم طريقته في أدائها، ومذهبه في ابتداعها. ولنعرف أيضاً أن (إبن مماتي) ينفرد دونهم بطريقته في خلق الأخبار العجيبة عن "حكم قراقوش"، فهل كان قراقوش بريئاً من التهم التي كيلت له أم لا؟ هذا ما سنكتشفه مع قراءة هذا الكتاب.