ن المعروف في علم النفس أن الكائن الحي تميز عن الجماد بقابليته لإستقبال المؤثرات الخارجية من خلال الجهاز العصبي ثم نقلها إلى المخ حيث تتم عملية الإستدراك وينتشر الجهاز العصبي في كافة أنحاء الجسم كي يقوم بإستقبال تلك المؤثرات التي تعرف أيضاً بإسم "الإحساسات ". وتوجد عدة أنواع من الإحساسات: بعضها داخلي والآخر خارجي. من أمثلة النوع الأول: الإحساس بالجوع والشبع والقشعريرة والتعب والنعاس...والإحساس بالحركة والإتجاه الذي يتم من خلال قنوات الأذن، والشعور بكل حركات أجزاء الجسم من المفاصل حتى العضلات...وهناك أيضاً الإحساس بالتوازن داخلياً الذي لا يجعلنا نسقط عندما تتحرك أجسامنا ويمنعنا من الوقوع من فوق السرير أثناء النوم. أما عن الإحساسات الخارجية فالحواس الخمس هي التي تقوم بإستقبالها أما بواسطة التلامس مباشرة كما في حاستي اللمس والذوق وأما عن طريق غير مباشر من بعيد كما في حواس الشم والسمع والبصر وتعتبر حاسة اللمس أبسط الحواس حيث تستقبل مؤثرات الضغط والألم والبرودة والسخونة وغيرها. أما حاسة الشم فهي غير مباشرة أي يتم التأثر فيها عن بعد من خلال فتحتي الأنف. أما حاسة السمع فقد إختصت بها الأذن حيث تستقبل الأصوات الخارجية على غشاء رقيق جداً من صور موجات تجعله يهتز إهتزازاً تصل ذبذباتها إلى مركز السمع العصبية. وأخيراً تبقى حاسة البصر التي تعتبر من أهم حواس الإنسان فأغلب معارفنا نكسبها بواسطة البصر. تلك هي حواس الإنسان الخمس التي تختلف في درجة أهميتها وترتيبها. ولكن ما فصلة تلك الإحساسات المختلفة بعملية الإدراك؟ هي صلة قوية جداً، فإن إنعدام الإحساسات يؤدي إلى إنعدام الإدراك الذي يستخدم مقوماته فيها. إن الإحساس هو تأثر الجسم بالمؤثرات الخارجية بواسطة الحواس الخمس، ثم يقوم الجهاز العصبي بعد ذلك عملية الإدراك والتأويل الفعلي لتلك الرموز، وحيث تأخذ معانيها المختلفة التي يتم التعامل بين الناس على أساسها. ضمن هذا الإطار يأتي هذا الكتاب الذي يحاول المؤلف من خلاله الكشف عن ماهية العلاقة التي تربط بين القوى العقلية بالحواس الخمس. والمؤثرات الخارجية والنفسية التي تؤثر على كل منها.
العقل البشري أبدع حلولاً كثيرة لمشكلات الناس، وأسهم في توفير الراحة لهم. وفي تخليصهم من الكثير من أشكال العناء، وهذا موضع تقدير منا جميعاً، ولكن علينا أن نقول: إن إبداعات العقل أوجدت مشكلات كثيرة مثل تلوث البيئة ومخاطر الطاقة النووية وسيطرة الآلة على حياة الإنسان وفشوا أمراض الحضارة... وعقولنا غير قادرة على إبداع الحلول للمشكلات التي أوجدتها، إنها تكشف دائماً عن مساحات فاصلة بين وجود المشكلات والقدرة على حلها، وما ذلك إلا لأن منتجات العقول في تعقيدات وملابسات يعجز العقل عن فك رموزها والتحكم بها. وماذا يمكن للعقل أن يفعل لشخص أدمن الجلوس إلى (التلفاز) واستسلم لرغباته فأضاع الكثير من واجباته؟