طوال حياتها، سعَت مُراسلةُ جريدة الواشنطن بوست، سعاد مخنت، الألمانيّة المولد ذات الأصول العربيّة-التركيّة، إلى خلق توازن بين جانبين من حياتها: الثقافة الإسلامية، والثقافة الغربيّة. وحاولت صُنعَ صوتٍ لها يتوسّط تلك الثقافتين اللتين كانتا وما زالتا في حالة من عدم التفاهم. في كتاب مذكّراتها هذا، النّابض بالأحداث والتفاصيل، نُرافق سعاد مخنت وهي تتحرّك خلف خطوط الجهاد البارزة والخفيّة، بدءًا من حارات ألمانيا، حيث تطرّفوا في أفكارهم أولئك الذين انتهوا للتخطيط لهجمات الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك؛ والمناطق العراقيّة حيث انقلب الشيعة والسنّة بعضهم على بعض؛ وليس انتهاءًا بالحدود التركيّة-السوريّة حيث تتواجد داعش. ففي رحلاتها عبر بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سجّلت تجاربها وما تعرّضت له من مواقف مع الجماعات الحكوميّة والاستخباراتيّة والجهاديّة، والناس العاديين، بما يفسّر الرّبيع العربي وفشله في الوصول إلى مبتغاه المرغوب له. بعدها تعود إلى أوروبا، بدءًا من لندن، حيث كشفت عن الهويّة الحقيقيّة للجهاديّ جون، ثم فرنسا وبلجيكا، عودةً إلى ألمانيا حيث لم يتوقف الجهاديّون عن إرهابها. إنّ خلفيّة سعاد مخنت العربيّة-التركيّة فتحت لها أبوابًا نحو أخطر الرّجال المطلوبين حول العالم، الذين يرفضون عادةً الحديث إلى الصحفيّين الغربيّين. لم تخف من مواجهة أشدّ الشخصيّات تهديدًا من داخل دائرة تنظيم القاعدة، وطالبان، وداعش، وما يتبعهم. عندما يُطلب منها المجيء وحدها لإجراء مقابلة صحفيّة ما، لم تكن تعرف ما الذي يُمكن أن يجري لها.