سينويه حكواتي رائع، يلعب بالأساطير وبالذكريات، ولكنه يلعب بأعصابنا وبرغباتنا أيضاً. هذا الكتاب أسطورة موجهة إلى أولئك الذين ما يزالون يهوون العجائبية. التناقض بين عالمين هو ما يصور هنا. من ناحية، هناك العالم الحديث، الشكاك، المغرق في العقلانية، العالم الذي ما فتئ يحقق الانتصارات منذ أن استبدل القدر بالمصادفة، وما يزال ينظر بعين ساخرة إلى هذه المعتقدات التي يعدها تافهة ومضحكة، ومن ناحية أخرى، هناك العالم القديم الذي يوحد بين الإنسان والكون، والذي يعتقد أن لا شيء يأتي عبثاً، ولا حتى الموت. العالم الجديد هو الأرجنتين في ثلاثينيات القرن العشرين. إنه ديكور مثالي، وعذرية الفضاءات الفسيحة. بدايات نهضة مدنية ديكتاتورية. هذه الأرض التي تنتهبها الرياح والهنود والرعاة وتقتسم الآلهة اللانهاية مع أبناء المهاجرين الإيطاليين أو الإسبان أو الفرنسيين الذين قدموا إلى هنا طلباً للسلام بعيداً عن بلدانهم الغارقة في الحروب. ولكن الثلاثينيات شهدت أيضاً تنامي علم جديد وافد إلى ألأرجنتين من أوروبا مباشرة: التحليل النفسي. دخلت امرأة، هي أدلما ميزاني، تلميذة كارل غوستاف يونغ (الذي اتبع بدوره تعاليك فرويد، لكنه ما لبث أن انفصل عن معلمه ليطور بنفسه نظرياته الخاصة حول اللاشعور الجمعي وكذلك حول تفسير الأحلام)، دخلت إلى عالم ريكاردو فاكاريسا المفرمت جداً. هذا الرجل لا يؤمن لا بالقدر ولا بالتقمص، ويعد المحللين النفسيين والكهنة العرافين دجالين، ولا يركن إلا إلى العقل المقدس. ولكن تلك الأحلام...
يمتلك سينويه حس العجائبي. وهذا الكتاب -الذي يحلق بقصد قطع الأنفاس- هو استكشاف عظيم للعوالم الخبيئة، وهو تنويع على أسطورة أورفيوس، إنه قصة حب رائعة. رواية "أيام وليال" دعوة لتذكر البديهية التالية: بالأحلام كانت الآلهة، في الماضي، تخاطب أولئك الذين اختاروها، وبالأحلام تعطينا ذكرياتنا القوة للنظر إلى الأمام. في أحلامنا يكمن مفتاح قدرنا. ريكاردو وسارة لا يعرفان هذه الحقيقة، ولكنهما النجمان الخالدان اللذان وجدا لينيرا عالماً تكتنفه الظلمة، عالمنا.