"شجرٌ وأفكارٌ، ومزمارٌ... سأقفز من يديك إلى الرحيل، لأسير عكس الريح، عكس غروبنا... منفاي أرض، أرض من الشهوات، كنعانية، ترعى الأيائل والوعول... أرض من الكلمات يحملها اليمام إلى اليمام... وأنت منفي منفىً" من الغزوات ينقلها الكلام إلى الكلام... وأنت أرض، أرض من النعناع تحت قصائدي، تدنو وتنأى ثم تدنو ثم تنأى في اسم فاتحها، وتدنو في اسم فاتحها الجديد كرة تخاطفها الغزاة وثبتوها فوق أطلال المعابد والجنود.
لو كنت من حجر لكان الطقس آخر... يا بن كنعان القديم. لكنهم كتبوا عليك نشيدهم لتكون "أنت" "هو" الوحيد. لم تأت سوسنة لتشهد مرة، من كان شاعرها الشهيد سرق المؤرخ، يا أبي، لفتي وسوسنتي وأقصاني عن الوعد الإلهي، وبكى المؤرخ عندما واجهته بعظام أسلافي: "إلهي... يا إلهي لمَ لَمْ يموتوا كلهم لتكون لي وحدي...؟... أتقفز يا أبي لي ما صنعت بقلبك المثقوب بالصّبار حين كبرت وحدي وذهبت وحدي كي أطل على القصيدة من بعيد؟ فلمَ اندفعت الآن في السفر الكبير وأنت توراة الجذور؟ أنت الذي ملأ الجرار بأول الزيت المقدس، وابتكرت من الصخور كرماً وأنت القائل الأبدي: لا ترحل إلى صيدا وصور. أنا قادم حيّاً وميتاً، يا أبي، توّاً... أتقفز لي حنيني. هذا الشتاء إلى انتحار باذخٍ؟ شاهدت قلبي يا أبي وأضعت قلبك يا أبي، خبأته عني طويلاً، فالتجأت إلى القمر. كل لي: أحبك، قبل أن تغفو فينهمر المطر".