هذا الكتاب يحاول ان يعيد الاعتبار لفترة هامة من التاريخ الأوروبي،وهى التفرة التى اصطلح على تسميتها "العصور الوسطى" والكتاب رحلة ممتعة في رحاب حضارة أوروبا في تلك الفترة إذ هو يوقفنا على تشكيل تلك الحضارة في مستوياتها المختلفة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وعسكريا ويبين لنا بسلاسة وبساطة كيف انتقلت اوروبا من التدهور الذي ميز الفترة الاخيرة من العصور الرومانية إلى عصر سيادة العناصر الجرمانية وانتصار المسيحية ونمو الكاثوليكية ، ثم ظهور البابوية وكنيسة روما قوة توحيدية في الغرب الأوربي في عصر مزقته الحروب الاقطاعية وتطاحن الإمارات التى برزت في كافة أنحاء الغرب الأوربي ، في مقابل تحول الدول الرومانية الشرقية إلى مجتمع قائم بذاته ، يتركز حول عاصمته القسطنطسنية الحصينة الرابضة على ضفاف القرن الذهبي ، بلسانها اليوناني، وتراثها الفلسفي والمنطقي وخصائصها الحضارية المتمايزة بسماتها وعناصرها اليونانية والبلقانية والسلافية. ثم يناقش الكتاب محاولات إحياؤ الإمبراطورية الرومانية في الغرب منذ أيام شارلمان فالصراع على السيادة بين الإمبراطورية والبابوية والحروب الصليبية خارج أوروبا وداخلها وضد المسلمين وضد المسيحيين من أعداء البابوية وصولا بنا إلى ظهور المدن ونمو التجارة وبداية ظهور الدول السيادية القومية على حساب نموذج وحدة العالم المسيحي الذي ناضلت البابوية والامبراطورية في سبيل نضالا طويلا اسفر في نهاية المر عن تدمير النموذج والمثال الكلي لصالح النموذج والمثال المحلي الذي تجسد في دول قومية مثل انجلترا وفرنسا والمماليك الاسبانية ، فضلا عن بولندا والمجر على المستوى السياسي كما افرز اللغات المحلية وآدابها على المستوى الثقافي وانتج الشعور الجمعي بالانتماء إلى مجمتع محلى آمن تقوده حكومة محلية قادرة على المستوى الاجتماعي. هذه الرحلة الطويلة في رحاب الحضارة الأوربية في العصور الوسطى قادها المؤلف ببراعة واقتدار. وإذا كنا نختلف معه في بعض الآراء فاننا اثبتنا هه الاختلافات في موضوعها دون أن نرى في ذلك الامر ما يقلل من قمية الكتاب العلمية الرائعة.