رواية «بدم بارد» جعلت ترومان كابوتي أشهر كاتب في أمريكا فور صدورها عام 1966. لكنه لم يستطع أن ينهي كتابة رواية أخرى بعدها لتأثيرها الساحق عليه حتى دمّرت حياته تمامًا فتوفي عام 1984 جرّاء مضاعفات إدمانه على الكحول. كان الاقتباس الذي اختاره ليفتتح به روايته الأخيرة غير المُنجزة، من أقوال القدّيسة تيريزا، هو: «More tears are shed over answered prayers than unanswered ones» قضى كابوتي ست سنوات في كتابة «بدم بارد» التي تُعتبر إحدى إرهاصات الحركة الصحافية الجديدة وقتها في نيويورك من خلال "معالجة حدث حقيقي بتكنيك روائي." وهي تُعتبر اليوم ثاني أكثر روايات الجريمة مبيعًا في تاريخ نشر الكتب في العالم. حوّلت الرواية إلى فيلم، بيد أن قصّة كتابة كابوتي للرواية من الأساس، والتي استقصاها وكتبها غيرالد كلارك، حُوّلت إلى فيلم بعنوان Capote حيث لعب فيه الممثّل فيليب سيمور هوفمان دور كابوتي، وفاز عن دوره هذا بجائزة الأوسكار عام 2005. خلال الخامس عشر من نوفمبر 1959، في قرية صغيرة تُدعى هولكومب، قُتل أربعة أشخاص من عائلة واحدة بوحشيّة غير مسبوقة، حيث أُطلق عليهم الرصاص على بُعد سنتيمترات قليلة من وجوههم. ولم يجد المحققون أيّ دافع واضح للمذبحة، ولا أدلّة. إن كابوتي، بمحاولته أن يُعيد بناء أحداث الجريمة والتحقيقات التي قادت إلى القبض على المتّهمين، وجلسات محاكمتهم، وإنزال العقوبة بحقّهم، يبعث في القارئ تعلُّقًا سحريًّا بالأحداث وتعاطفًا قويًّا مع الضحايا والمجرمين على حدّ سواء. «بدم بارد» رواية تتجاوز سنوات كتابتها وأحداثها لتصرخ برؤى ومفاهيم عميقة حول طبيعة العنف والشرّ وجدوى الحياة ومآلاتها.