في رسالة من "جبران خليل جبران" إلى إميل زيدان كتب: "كنت تعطفت، وطلبت إلى أن ابعث إليك بترجمة حياتي، وهذه يا أخي مسالة صعبة عليّ، صعبة إلى آخر ما هناك من الصعوبة، ماذا يا ترى أقول عن نفسي سوى أنني ولدت منذ أربعين سنة، ومنذ أربعين سنة وأنا أشتغل؟ هذه هي ترجمة حياتي بكاملها، يخال إليّ من بعض الأحايين أن ليّ في كل يوم ولادة جديدة، وأن ماضي لم يكن سوى منام حلمته، وأما في رحم الليالي، وأنت تعلم أن من يرى نفسه طفلاً-يخجل من تاريخ حياته ويستحي من عرض ماضيه المبهم الضبابي أمام الناس، إن ما بي من العزم، والحب، والتمرد، والامتثال لم يتخذ للآن قالباً حرّياً بالوقوف أمام الشمس، فإذا جاء الغد وأثمرت ثمرة خليقة بمقابلة الغد كانت تلك الثمرة نفسها ترجمة حياتي بكل ما في حياتي من الألم، والفرح والوحشة، والأنس، والنار، والنور، والدفان".
بهذه الكلمات لخص "جبران خليل جبران" سيرة حياته وعطاءه الأزلي النابع من مشاعر متقدة ومن شخصية ثائرة، دفع ثمنها جسده بعلة كانت تفتك به يوماً حتى نالت منه في العاشر في نيسان سنة 1931م، وفي 21 آب نقل رفاته إلى بشري حيث دفن في دير مار سركيس.
وبعد وفاته صدر له "التائه" 1932م، و"حديثة النبي" 1932م، وبقي الكثير من آثاره ينتظر الكشف والجمع والصدور. لذلك قال "انطوان التوال" يستحق جبران العظيم كل جهد منا لجمع تراثه، ووضعه في دائرة الضوء، كما يمثل من قيم إنسانية وأبعاد فكرية، جعلته في طليعة نابغي الأدب في لبنان والعالم".
وقال الدكتور "جميل جبر" ثمة أدباء يكتبون لمنطقة معينة، في زمن معين، فلا يتعداهما ما ينتجون. فيما آخرون يتوجهون في كتاباتهم إلى كل إنسان في كل زمان ويبدون فيستمر نتاجهم حياً نظراً يثير الاهتمام والإعجاب، من هؤلاء جبران خليل جبران، وهذا يفسر إقبال القراء عليه في مختلف اللغات".
فإليكم في هذا الكتاب ما قال هذا المفكر، الشاعر، والفنان "جبران خليل جبران" حيث يضم مقتطفات ونماذج تم انتقاءها من بين أهم كتاباته الأدبية، ومنها نذكر: الأبناء والمساكن، يسوع، المرأة، لبنان، الصلاة، العطاء، الفكر، الإنسانية، الرحمة الخ...