إنّه العام 2016 في بريطانيا التي خرجت توًّا من الاتّحاد الأوروبيّ. الجميع في صدمة، والأمّة كلها، حسب المؤلفة، تعاني من ألم غريب. دانيال كلاك، رجُلٌ يبلغ من العمر 101 عام، مغنٍّ سابق، ينام طريحَ الفراش في المستشفى، ويحلم بشكل مستمرّ. تزوره بشكل منتظم فتاة في الثانية والثلاثين من عمرها، إليزابيث ديماند، التي كانت جارته في صِغَرِها. أمّها لم تكن راضية عن علاقتها بالجار، فهي تعتقد أنّه مثليّ، غير أنّ إليزابث أنشأت صداقة متينة معه، وتأثّرت بحواراتهما عن الفن والرّسم. وكنتيجة لذلك، باتت إليزابث الآن طالبة فنون تدرس سنتها قبل الأخيرة في جامعة لندن، وموضوع بحث تخرّجها يتناول فنّانة البوب-آرت التي تعود إلى عصر الستينيّات، وقد ماتت منذ مدّة طويلة، بولين بوتي (Pauline Boty) رمز النسويّة في السبعينيات، التي كانت حبيبة دانيال. تنتقل الرواية بين دانيال وأحلامه الطويلة بينما يقترب من حافة الموت، ولحظات استجماع إليزابث ذكرياتها عن جذور صداقتها به. "الخريف" رواية الزّمن بوصفه أفكارًا لا متسلسلة ومتطورة، بل متجاورة. ولهذا لا تقفز سميث فقط في مقطعها الزمنيّ إلى الأمام والخلف، بل إلى الجانبين أيضًا، تختبر صلة الأمور بعضها ببعض: الحيّ بالميّت، والحاضر بالماضي، والفن بالحياة. تكتب الوقت كما يحدث بما يحدث فيه، مثل بيكاسو الذي حاول في بعض لوحاته أن يرسم زوايا النظر إلى موضوع الرّسم كلها في لقطة واحدة. ولذلك يصعُب، في معظم روايات سميث، القبض على الزّمن (بترتيب فوضاه التي تنقلها لنا الكاتبة) للوصول إلى فهم كامل لما يحدث، ورابط صريح بين مواضيعها. لُقّبت بأبرز روائيّة بريطانيّة معاصرة، تقدم لنا سميث أوّل أجزاء روايتها الفصليّة (الخريف) تليها (الشتاء) و(الربيع) و(الصيف). نوديَ باسم هذه الرواية كونها أوّل رواية تصدر بعد انفصال بريطانيا عن الاتّحاد الأوروبي بما يُعرف بركست (Brexit) وأوّل رواية تناولت تأثير الانفصال على حياة البريطانيين.