عمّ يتساءل الإنسان العربي في دينه وتاريخه؟ وما هو معنى الدين والتاريخ بالنسبة لحياة الإنسان العربي وتاريخه اليوم؟ لقد تعاقبت الأزمان ولم تسجل الحياة العربية سوى تراجعاً، ليس على الصعيد الإجتماعي فقط، بل على صعيد الحياة الدينية.
هناك دعوى قوية تسيطر على حياة طائفة كبيرة من الناس مفادها العودة إلى الإسلام، إن هذه الدعوة تجد لها صداً في جميع الربوع الإسلامية، ومولدة إحساساً كاذباً لدى العوام والخواص بأن الإسلام هو الحل، هو الخلاص من الأزمة التي تعصف بهذه البلدان.
من هنا، يظهر أن الدعوة الإسلامية دعوة عقيمة وفارغة لأنها تمتلك تاريخها الخاص، إلا أن بعض الحركات الدينية المعاصرة تحاول أن تنسب لنفسها تاريخياً وهمياً لا تعرفه ولم تشارك فيه ألا وهو تاريخ الدعوة النبوية والصحابة معتقدة أنها بعملها هذا تكسب شرعية تاريخية على أنها تواصل وإستمرارية للروح الدينية الإسلامية.
من أجل معرفة حقيقة ما جرى للإسلام وللعرب لا بد من نظرة نقدية لتاريخ العقائد التي ظهرت وتكونت بإسم الإسلام، والتي كانت تدميراً ذاتياً للإسلام وللروح العربية، لنطلع في البداية على مظاهر هذا التدمير الذاتي.
لقد عاش العرب منذ ظهور الإسلام وحتى هذه الساعة إغتراباً ثقافياً وتعرضوا في الوقت ذاته إلى إضطهاد كبير، وعانوا من صراعات حادة من أجل إقرار وجودهم وإرساء دعائم صحيحة للإسلام في أزمان وعصور سادها الفساد والإنحلال، وتحملوا بذلك وزر هذه الحالة المأسوية.
عندما نتكلم اليوم عن الإسلام لا نعني بذلك الوحي، وإنما الصور الدينية التاريخية التي نشأت في مرحلة معينة من تطور العلاقات الدينية عكست واقع المجتمع الممزق